في الآونة الأخيرة، أصبحت قصص نجاح المعلمين الذين غيّروا مساراتهم المهنية بعد ترك التعليم محورًا مهمًا في سوق العمل العربي، خاصة بعد موجات الاستقالة الجماعية التي شهدتها بعض الدول، مثل السعودية ومصر وتونس، لأسباب تتراوح بين ضغط العمل وقلة التقدير المالي. تشير أحدث تقارير LinkedIn Career Path إلى أن المهارات التربوية أصبحت مطلوبة بشكل غير مسبوق في قطاعات مثل الموارد البشرية، تطوير المناهج الإلكترونية، والتدريب المؤسسي. ما يميز هذا الاتجاه هو أن المعلمين السابقين قادرون على تقديم قيمة مضافة للشركات من خلال مهاراتهم في التواصل، التنظيم، وحل المشكلات، مما يجعلهم مرشحين أقوياء لإعادة التوظيف في أدوار نوعية وبأجور أعلى بكثير من رواتبهم السابقة في القطاع التعليمي.
من التدريس إلى التدريب المؤسسي: قصة نجاح مريم من الأردن
بعد 15 عامًا في التعليم الحكومي، قررت مريم تغيير مسارها الوظيفي إثر ضغوط متزايدة وقلة فرص التطور المهني. التحقت بدورة تصميم الحقائب التدريبية عبر الإنترنت، وسرعان ما بدأت بتنفيذ ورش عمل لصالح شركات تقنية ناشئة تبحث عن تحسين مهارات موظفيها في التواصل وإدارة الوقت. خلال أقل من عام، أصبحت مريم مسؤولة عن إدارة برامج التدريب في شركة استشارات إدارية إقليمية، بدخل يعادل ضعف راتبها السابق.
توضح مريم أن الانتقال لم يكن سهلاً في البداية، لكنها استخدمت مهاراتها كمعلمة في شرح المفاهيم المعقدة وتبسيط المعلومات، مما جعلها تلقى قبولًا كبيرًا في سوق العمل الجديد.
كيف ساعدت تجربة التدريس سامي على التألق في مجال الموارد البشرية
سامي، معلم سابق من الجزائر، انتقل إلى قطاع الموارد البشرية بعد حصوله على شهادة مهنية في إدارة الموارد. قدراته التنظيمية ومهاراته في التعامل مع مختلف الشخصيات الطلابية مكنته من التفوق في تحليل الشخصيات وإجراء المقابلات بذكاء عاطفي ملحوظ. أصبح بعد عامين فقط مديرًا لقسم الموارد البشرية في شركة متوسطة الحجم.
يشير سامي إلى أن خبرته السابقة في التعامل مع أولياء الأمور وإدارة الفصول الدراسية زودته بقدرة فريدة على فهم العلاقات الإنسانية داخل بيئة العمل.
دخول ميدان تطوير المحتوى الرقمي: تجربة حنان من المغرب
حنان، معلمة لغة عربية سابقة، اكتشفت شغفها بإعداد محتوى تعليمي على يوتيوب أثناء الجائحة. بعد حصولها على دورات في تحرير الفيديو والتسويق الرقمي، بدأت في تقديم دروس مبسطة للأطفال على قناتها التي تجاوزت 100 ألف مشترك. تطورت أعمالها لتصبح شريكة في منصة تعليمية رقمية تابعة لإحدى الشركات الناشئة.
تقول حنان إن أهم ما ساعدها هو شغفها بالتعليم ورغبتها في التجديد. وهي اليوم تحقق أرباحًا شهرية تفوق ما كانت تحققه سنويًا كمعلمة.
التدريس في الخارج: كيف فتحت أبوابًا جديدة لعبدالله
عبدالله، مدرس رياضيات سعودي، قرر التقديم لتدريس في إحدى المدارس الدولية بماليزيا. التجربة غيرت حياته بالكامل. تعلم نظم تعليم جديدة، وحصل على فرص تدريب عالمية، وأصبح جزءًا من شبكة تعليمية دولية.
هذا التحول المهني فتح له أيضًا بابًا للعمل لاحقًا كمستشار تربوي في مؤسسة تعليمية آسيوية، بدخل أعلى بنسبة 60% من راتبه السابق.
نورة والتحول إلى الكتابة التربوية والاستشارات
نورة، التي أمضت أكثر من 10 سنوات كمعلمة، قررت التفرغ للكتابة. بدأت بنشر مقالات تربوية على مدونتها، وسرعان ما تم التعاقد معها من قبل مواقع تعليمية ومجلات متخصصة. اليوم تقدم خدمات استشارية للتربويين، وتُدعى للمشاركة في برامج تلفزيونية تعليمية.
نورة ترى أن أصعب قرار كان ترك الوظيفة، لكن التجربة أثبتت أن الشغف والمعرفة يمكن أن يصنعا مستقبلًا جديدًا لأي معلم سابق.
خطوات عملية للمعلمين الراغبين في التغيير المهني
إذا كنت معلمًا وتفكر بجدية في التغيير المهني، إليك خطوات موصى بها:
- حدد المهارات القابلة للنقل لديك (مثل القيادة، التخطيط، التقديم).
- احصل على تدريب قصير أو شهادة مهنية في المجال الذي تطمح إليه.
- طوّر ملفك الشخصي على LinkedIn وشارك خبراتك التربوية بشكل يبرز قوتك.
- انضم إلى مجتمعات مهنية في المجال الجديد.
- لا تخف من البدء من الصفر؛ كثير من القصص تبدأ بخطوة صغيرة.
الفرصة متاحة، والأبواب لم تعد مغلقة أمام المعلمين الطامحين لأدوار جديدة تتماشى مع طموحاتهم ودخلهم المستحق.
*Capturing unauthorized images is prohibited*
